Republic of Lebanon

دولة الرئيس رياض الصلح (2)

الخط + -
03 تموز 1944

الحكومة الثانية في عهد الرئيس بشارة الخوري

كلف الرئيس رياض الصلح بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 1484 تاريخ 3 تموز 1944

تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 1485 تاريخ 3 تموز 1944

نالت الحكومة 41 صوتا ً وحجب الثقة 4 وامتنع 2

استقالت الحكومة بتاريخ 9 كانون الثاني 1945


وتألفت من

  1. نائب رئيس مجلس الوزراء    : ابو شهلا، حبيب
  2. وزير الاشغال العامة            : تقلا، سليم
  3. وزير البرق والبريد              : الفضل، محمد
  4. وزير التجارة والصناعة        : الفضل، محمد
  5. وزير التربية الوطنية            : ابو شهلا، حبيب
  6. وزير التموين                     : الصلح، رياض
  7. وزير الخارجية                   : تقلا، سليم
  8. وزير الداخلية                     : الصلح، رياض
  9. وزير الدفاع الوطني             : ارسلان، مجيد
  10. وزير الزراعة                    : ارسلان، مجيد
  11. وزير الصحة والاسعاف العام : ارسلان، مجيد
  12. وزير العدلية                      : ابو شهلا، حبيب
  13. وزير المالية                      : فرنجية، حميد
 

    البيان الوزاري

       حضرة النواب المحترمين،

   لقد استكمل لبنان في التسعة اشهر التي مرت عده الاستقلالي الدستوري اسباب هذا الاستقلال في الحقل الخارجي، وذلك بفضل الجهاد العظيم الذي جاهده ابناؤه، وبفضل التضحيات الغالية التي بذلها كباره وصغاره، رجاله ونساؤه، تحت راية الاتحاد الوطني المكين، وقد كان من روعة اتحاده وجهاده وتضحيته، ان احاطته الشعوب العربية الشقيقة والديموقراطيات بذلك العطف الذي لا ينساه، وبذلك التأييد الذي زاد استقلاله مناعة وسيادته الوطنية رسوخاً في الميدان الدولي العام.

   لقد قال لبنان كلمته واعلن ارادته في ان يكون سيد نفسه سيادة وطنية تامة حين عدل دستوره بتاريخ 9 تشرين الثاني سنة 1943، وقد اصبحت هذه السيادة فعلية بعد ان اعترفت له بها الدول الشقيقة المحيطة به والبعيدة عنه والدول الديمقراطية الحليفة وبعد ان تسلم جميع الصلاحيات التي كانت خارجة عن يده، مما كان يعرف بالمصالح المشتركة: كادارة الجمارك ومراقبة الشركات ذوات الامتياز، والامن العام و... واصبح استقلاله حقيقة واقعة لا اسماً فحسب ولا وهماً، استقلالاً صحيحاً ليس على اللبنانيين الا ان يحسنوا ممارسته، ويحسنوا المحافظة عليه ليجنوا ثماره وخيراته.

   ويجدر بنا ونحن نختم المرحلة الاولى من النضال ونعدد ما استفادته البلاد فيها من مقومات السيادة، ان ننوه بالفضل العظيم الذي كان لمجلسكم الكريم في بلوغ لبنان هذه الغاية السعيدة، ذلك هو مجلسكم الكريم، فلقد كانت مواقفه الوطنية الباهرة من اروع ما سجلته تواريخ المجالس النيابية وكان بصلابته وجرأته وشدة اندفاعه وحرصه على حقوق البلاد، خير ظهير لرجال الحكم واقوى معين على توطيده دعائم الاستقلال.

   وقد كان من حسن التوفيق ان افتتحنا عهد هذه الوزارة بتوقيع بروتوكول الامن العام وانتم تدركون خطورة هذه المصلحة، فسنعمد فوراً الى تنظيمها كما شرعنا في تنظيم غيرها من المصالح التي تسلمناها خلال هذا العهد. واما الجيش فقد وضع قسم منه تحت تصرفنا كما تعلمون، وسنتابع المفاوضات لتسلمه كاملاً. وان توطيد الامن الداخلي سيكون مكفولاً بفصل القوى التي اضيفت في الفترة الاخيرة على قوات الامن، وبفضل الروح المعنوية الجديدة التي تسيطر على هذه القوات وقد شرع هذا القسم من الجيش يؤدي مهمته اذ تعاون مع قوى الدرك لتنفيذ احكام القانون في منطقة بشري واقرار الامن والنظام.

   وقد شرعنا في اقامة التمثيل السياسي لدى الدول الحليفة والشقيقة فعينا مندوبين فوق العادة وزيرين مفوضين احدهما في الجزائر والآخر لدى بلاط سان جيمس. وسنتم تعيين ممثلينا في بقية العواصم مع معاونيهم فنستكمل بذلك تمثيلنا الخارجي الذي هو مظهر من اهم مظاهر الاستقلال تفرد به هذا العهد من تاريخ لبنان.

   وسنتابع سياسة حكومتنا الدستورية الاستقلالية الاولى في توثيق علاقات التعاون الاخوي مع البلدان العربية الشقيقة. ونحن نحتفظ باحسن العلاقات بيننا وبين فرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وسائر الدول الديمقراطية الحليفة التي نرجو لها النصر القريب.

   حضرات النواب المحترمين،

   لقد وجهت الحكومة في المرحلة الاولى معظم جهدها الى الناحية الخارجية، وقد يتطلب الكثيرون ان يكون النجاح في الداخل مثله في الحقل الخارجي. ونحن وان كنا لم ندع العصمة في اعمالنا، نريد من مواطنينا ان يقدروا النتائج التي توصلنا اليها حق قدرها، وان يقدروا كذلك صعوبة العمل في الحقلين معاً في عهد النضال والتأسيس والانقلاب. ان طبيعة النجاح السريع في الشؤون الخارجية، كان لا بد لها من احداث شيء من البلبلة في الحالة الداخلية، وما من انقلاب حدث في بلد من البلدان الا رافقه شيء من عدم التوازن في ناحيتي الداخل والخارج خصوصاً في بادئ الامر.

   اما الآن وقد استقرت اسس بنائنا الخارجية فقد اصبح من الميسور صرف معظم الجهد الى الشؤون الداخلية مع الحرص كل الحرص في الناحية الخارجية للمحافظة على ما نلناه وتوطيده. على اننا يجب ان نشير الى الظروف المؤاتية التي عاونتنا كثيراً على تحقيق اماني البلاد بتلك السرعة النادرة واذا كنا نرجو ان لا نحرم مؤاتاة الظروف في هذه الفترة ايضاً، الا اننا نفضل ان نعتمد كل الاعتماد على تجردكم الوطني وحسن تقديركم للامور وجميل مؤازرتكم وتأييدكم في تحقيق الاصلاح المنشود.

   ولكي يتسنى للبنان المحافظة على الاستقلال والتمتع بمنافع السيادة الوطنية، يجب ان تقوم حياته الداخلية على اسس صالحة متينة لا يشوبها ضعف ولا يعتورها اختلال.

   ان اوضاع الماضي ـ وكثير منها قام على غير المصلحة الوطنية المجردة ـ لا تصلح كلها للبنان في عهده الاستقلالي الدستوري القائم، فلا بد من ادخال التحوير والتبديل على هذه الاوضاع بحيث تلائم هذا العهد وبحيث تلبي طموح لبنان الى التقدم والمجد. فهنالك قيود داخلية تعوق لبنان عن السير الى الامام بالسرعة التي يستطيعها. ولعل اثقل هذه القيود النظام الطائفي وقد زادتنا تجارب الحكم في الاشهر التسعة الاولى معرفة بثقل هذا القيد.

   لذلك ستكون الطائفية اول ما نعالجه في اوضاعنا، ولن نكتفي في معالجتها بالعمل في الحقل القانوني بل سيكون علاجنا لها اعمق إذ نعمل على استئصالها من النفوس.

   اننا نريد ان نقيم بناء هذا الوطن في النفوس على اساس الوطنية والاخلاق الفاضلة التي تأمر بها الاديان جميعها والتي يعلمها العقل والحكمة الانسانية المجردة، والمدرسة هي اصلح تربة لغرس الفضائل ولالقاء هذه البذور الصالحة في النفوس، وعلى ذلك ستكون عنايتنا بالمعارف عناية واسعة عميقة.

   ومن اسس الاصلاح التي نراها ضرورية تعديل قانون الانتخاب، فقد علم الجميع عيوب القانون المعمول به الان وعلى ذلك سنقدم الى مجلسكم الكريم مشروعاً جديداً نستوحي فيه مصلحة لبنان وارادة الناخب اللبناني ليس غير.

   وفي طليعة ما سنوجه عنايتنا اليه آلة الحكم لندخل عليها الاصلاح الذي يكفل سير الاعمال سيراً حسناً وتأمين مصالح الجمهور تأميناً كاملاً سريعاً.

   ان عيوب آلة الحكم سواء ما كان مصدره القوانين والانظمة نفسها، ام تراعي الموظفين قد الحقت بهيبة الحكم اثراً بليغاً حتى اجتازت هذه الهيبة بعض ازمات غير قليلة الخطورة احياناً. ولكن الخطة التي وطدنا النفس على سلوكها ستزيل اسباب هذا الضعف لنحافظ على هذه الهيبة التي ان ضعفت تعرض البلد في كل النواحي للتضعضع.

   واننا نرجو ان نحقق اصلاح القوانين المالية، وما احداث الضريبة على الدخل المطروح على مجلسكم الكريم في هذه الدورة ال اجزاء من هذا الاصلاح المنتظر. واني ارجو ان نقدم لكم الموازنة الجديدة في الفترة القانونية المعينة، وهي موازنة ستكون قائمة على توجيه جديد في مختلف مرافق البلاد العامة.

   ان لبنان يستطيع اذا احسن تجهيزه وتنظيمه ان يضاعف ثروته اضعافاً بما حبته الطبيعة من موارد، وسنضع له السياسة الاقتصادية الشاملة التي تمكنه من استثمار ثروته الطبيعية الى اقصى حد. ونرجو ان نتمكن برغم ظروف الحرب من تحقيق المشاريع العديدة الواسعة التي نعدها لتأمين ازدهار البلد.

   واما في الناحية الاجتماعية فقد باشرنا هذه السياسة الاصلاحية بضرب داء المقامرة الضربة الشديدة وملاحقة المقامرين. ولن يجد منا احد في هذا الشأن وامثاله رأفة او هوادة. وسنعالج مشاكل العمال ونعني بشؤونهم وتنظيمهم بحيث تتوفر لهم اسباب العيش الحسن الذي يستحقه نشاطهم وجهدهم.

   واما الغلاء فبالرغم من انه داء مستعص تشكو منه جميع الدول ومنها المحيطة بنا ـ شكوانا او اكثر ـ فاننا نرجو ان تخف وطأته بتأثير اسباب خارجية: كتقدم الحلفاء في اوروبا، وفي سيرهم نحو النصر الذي نرجوه قريباً. وداخلية كورود كميات البضائع المطلوبة من بريطانيا والولايات المتحدة. ونضيف الى ذلك التدابير التي ستتخذها الحكومة لمنع الاحتكار والتلاعب بالاسعار.

   وسيظل التموين مؤمناً على ما هو جار، بفضل ما جادت به المواسم وبفضل التعاون الوثيق بين وزارة التموين ومجلس الميرة.

   ان هذه المرحلة الثانية من عهدنا الاستقلالي التي نلجها تتطلب منا ان نتغلب على كل ما في مجتمعنا من آثار الماضي، من ضعف سياسي او اجتماعي او اقتصادي او ثقافي، ويضاف اليه العمل بكل وسيلة على اقرار الثقة الوطنية في النفوس وترسيخ التعلق بالاستقلال فيها ومحاربة كل شك او تشكيك فيه اشد محاربة.

   انني وزملائي نقوم باعباء الحكم في هذه المرحلة الخطيرة ونحن ندرك انها تتطلب جهداً عظيماً. وقد وطنا النفس على أن نعمل بكل ما في صدورنا من اخلاص وما في استطاعتنا من جهد ونشاط وان ننجز المهمة بسرعة فلا نجتمع اليكم في الدورة المقبلة العادية الا ونكون قد حققنا من هذا البرنامج اخطر بنوده واكثرها باذن الله.

   ايها النواب المحترمون ان هذا البرنامج الذي نقدمه بين ايديكم ليس الا جزء من برنامج حكومتنا السابقة الذي نعتبره برنامج حكومتنا هذه أيضاً وانما اردنا بهذا البيان التشديد على بعض النقاط التي سنقدمها بالاهتمام والعناية على غيرها لخطورتها معتمدين على تأييدكم ومعونتكم.

جميع الحقوق محفوظة ©      ملاحظة قانونية  |   إتصل بنا  |  خريطة الموقع
تم انجاز هذا الموقع بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية