Republic of Lebanon

الرئيس الحريري خلال مشاركته في منتدى الدوحة: أبرز ما تحتاجه منطقتنا العربية اليوم هو الاستقرار

الخط + -
14 أيار 2017

شدد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على أن "أبرز ما تحتاجه منطقتنا العربية اليوم هو الاستقرار، لأنه من دون الاستقرار، لا أمن ولا تنمية ولا ازدهار"، وهذا ما يجب أن يكون الهدف الذي نعمل على تحقيقه بأسرع وقت، خاصة وأن الجماعات المتطرفة تعي هذا الأمر وتحاول ضرب الاستقرار في كل العالم.

واعتبر أنه في زمن العولمة صار التطرف والإرهاب معولما ولا مجال لمواجهتهما إلا بردّ معولم وبتعاون بين كل الدول والمجتمعات والأديان والثقافات.

وقال في كلمة ألقاها قبل ظهر اليوم خلال مشاركته في "منتدى الدوحة" الذي انعقد اليوم في العاصمة القطرية أن الدول العربية تواجه تحديات عديدة منها ما هو مشترك ومنها ما هو خاص بكل دولة، مشددا على أن الهدف من كل المعالجات هو واحد ويجب أن يكون واحدا، وهو إيجاد فرص عمل للشباب، وهذا لا يتحقق إلا بتحفيز النمو الاقتصادي.

وأشار الرئيس الحريري إلى أن لبنان يواجه صعوبة خاصة أمام ورشة النمو الاقتصادي يتمثل بوجود مليون نصف مليون لاجئ سوري وهو ليس قادرا على مواجهة تداعيات هذه الأزمة منفردا، وقال: "نحن نعوّل على المساندة العربية والدولية لتمويل برنامج الاستثمار في البنى التحتية الذي أعدته الحكومة لمساعدة لبنان على تحمل أعباء هذه الأزمة".

وفي يلي نص الكلمة:

 

صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

أمير دولة قطر،

أصحاب السمو والفخامة والدولة والمعالي،

أيها الحضور الكريم،

 

يسرني أن أتواجد معكم اليوم في الدوحة بمناسبة انعقاد منتداها السابع عشر، هذا المنتدى الذي يثبت أهميته عاما بعد عام لطرح المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأكثر إلحاحا في المنطقة والعالم، ويتيح فرصة نقاشها مع نخبة من القادة والخبراء والأكاديميين ورجال الاعمال من مختلف دول العالم، للوصول لحلول تحقق الاستقرار لكل دولنا. 

أيها الحضور الكريم،

إن أبرز ما تحتاجه منطقتنا العربية اليوم هو الاستقرار. فلا أمن من دون استقرار، ولا تنمية من دون استقرار ولا ازدهار من دون استقرار. هذا بنظري يجب أن يكون الهدف الأساسي الذي نعمل على تحقيقه سويا وبأسرع وقت. خاصة وأن الجماعات المتطرفة تعي هذا الأمر جيدا وتحاول ضرب الاستقرار في كل أنحاء العالم، حتى باتت تشكل خطرا يتطلب مواجهته بالتعاون بين كل الدول وكل المجتمعات وكل الأديان والثقافات.

في زمن العولمة، صار التطرف معولما، وصار الإرهاب معولما، وصارت الأخطار كلها معولمة. فلا مجال لمواجهتها أو مواجهة جزئياتها إلا برد معولم.

أيها الحضور الكريم،

دولنا العربية اليوم تواجه تحديات عديدة، منها ما هو مشترك، ومنها ما هو خاص بكل دولة على حدة. ولكل دولة ومجتمع مقاربته الخاصة لمواجهة هذه التحديات، إلا أن الهدف، برأيي، من كل المعالجات، هو واحد، ويجب أن يكون واحدا، وهو إيجاد فرص العمل، وللشباب بشكل خاص. وهذا هدف لا يمكن بلوغه، إلا بتحفيز النمو الاقتصادي،

بالشراكة الكاملة بين القطاعين العام والخاص. ونحن في لبنان نضع في أولويات حكومتنا إنجاز قانون الشراكة بين العام والخاص، ليكون إطارا لرعاية هذه الشراكة وتفعيلها.

ولا يخفى على أي منكم، أن لبنان عانى من شلل سياسي انعكس اقتصاديا طوال قرابة ثلاثة أعوام. أما اليوم، وبعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة "استعادة الثقة" فإن المؤشرات عادت للتحسن وإن ببطء، وشرعنا بإطلاق ورشة من الإصلاحات للنهوض باقتصادنا بكل قطاعاته، ولا بد لي هنا من شكر الصناديق العربية التي كانت دائما محركا وداعما للمشاريع الإنمائية في كل المناطق اللبنانية.

أيها الحضور الكريم،

إن لبنان، يواجه صعوبة خاصة وعائقا أساسيا أمام ورشة النمو الاقتصادي، يتمثل بوجود مليون ونصف مليون نازح من إخواننا السوريين، أضيفوا إلى قرابة نصف مليون لاجئ فلسطيني، على أراضيه. لقد قام اللبنانيون، دولة ومجتمعا مدنيا، بكامل واجباتهم والتزاماتهم حيال هذه الأزمة الإنسانية، وما زالوا، وهذا ليس فيه منّة أو جميل لأحد. لكن لبنان لن يتمكن من الاستمرار بمواجهة تداعيات هذه الأزمة منفردا. فأعداد النازحين واللاجئين في بلدنا، تلامس نصف عدد المواطنين، ما رفع نسبة الفقر إلى 30 في المئة، وضاعف معدلات البطالة إلى 20 في المئة، وأكثر من 30 في المئة بين الشباب، وأرهق الخدمات العامة والبنى التحتية، وزاد من عجز المالية العامة، في وقت تراجع النمو الاقتصادي من 8 في المئة سنويا قبل الأزمة، إلى ما يقارب الواحد في المئة حاليا.

ولأعطيكم مثالا واحدا، فإن عدد التلامذة السوريين في المدارس الرسمية اللبنانية، بات 230 ألفا، في مقابل 200 ألف تلميذ لبناني! هذا مع العلم أن التسرب المدرسي تقارب نسبته الخمسين في المئة بين الإخوة النازحين السوريين، وأن المدرسة الرسمية اللبنانية تعمل على مدار الساعة تقريبا، لإستيعاب هذا الضغط، الذي تشهد مثله المستشفيات والمستوصفات والمياه والكهرباء والطرقات وكل الخدمات والبنى العامة.

البنك الدولي يقدر إجمالي الخسارة التي تكبدها الناتج المحلي اللبناني جراء هذه الأزمة حتى نهاية 2015 فقط بأكثر من 18 مليار دولار، وهو رقم بات يقارب 25 مليار دولار اليوم.

أيها الحضور الكريم،

إن حكومتنا قررت مواجهة هذه الأزمة، وهي وضعت رؤية موحدة بهذا الهدف، قائمة على رفع مستوى البنى التحتية والخدمات العامة لإعادة تأهيلها بعد الضغط الذي تعرضت له وتمكينها من الاستمرار باستيعابه. ونحن نطلق هذه الخطة الطموحة لأن واجبنا هو النهوض باقتصادنا وحماية بلدنا وتوفير فرص العمل لشبابنا. إلا أننا نعوّل على المساندة الدولية والعربية في تمويل برنامج الاستثمار في البنى التحتية والخدمات العامة، ونعلم أن اخواننا العرب الذين كانوا دائما إلى جانب لبنان في السراء والضراء، سيكونون في طليعة المشجعين وفي قيادة المجتمع الدولي إلى المساهمة معهم في ضمان استقرار بلدنا ومناعته وقدرته على الصمود في وجه الأعاصير التي تلف المنطقة.

ختاما، اشكر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وحكومة قطر وشعبها، على وقوفهم الدائم إلى جانب قضايا الحق، وإلى جانب لبنان تحديدا في الأيام الحلوة كما الصعبة، كما أتوجه بالشكر للقيمين على هذا المنتدى ولكم جميعا على إتاحة هذه الفرصة أمامي.

وشكرا.

 

جميع الحقوق محفوظة ©      ملاحظة قانونية  |   إتصل بنا  |  خريطة الموقع
تم انجاز هذا الموقع بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية