Republic of Lebanon

الرئيس الحريري خلال افتتاح ملتقى لبنان الاقتصادي: باشرنا العمل على إطلاق برنامج استثماري طموح وورشة تحديث للتشريعات

الخط + -
16 آذار 2017

فيما يلي نص الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري صباح اليوم في افتتاح "ملتقى لبنان الاقتصادي" في دورته الرابعة، والذي نظمته مجموعة الاقتصاد والأعمال في فندق فينيسيا:

 

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة،

أيها الأصدقاء

أولا أشكر مجموعة الاقتصاد والأعمال والأستاذ رؤوف أبو زكي على هذا الملتقى الذي بات من مؤشرات الثقة والنجاح بالاقتصاد اللبناني.

والحقيقة أنه أمام هذا الحشد من الخبرات الاقتصادية في عالم الأعمال والإنتاج والاستثمار، قررت اليوم أن أتحدث إليكم بكلام واضح ومباشر:

نحن خارجون من مرحلة كانت صعبة جدا علينا جميعا. هذه الصعوبات تفاقمت نتيجة تداعيات النزوح السوري غير المسبوق إلى لبنان، وبصراحة، لا نستطيع أن نكمل على هذا النحو. لأنه إذا بقينا كذلك فستصبح الأزمة كارثة على الجميع دون استثناء.

بالمقابل اليوم، ولأول مرة، قد تكون كل الأطراف السياسية واعية تماما لحجم المخاطر، وهناك تعاون وتجاوب ملموسان داخل مجلس الوزراء للتعاطي بجدية مع الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية. لأنه إذا لم نتعاطَ مع هذا الموضوع بجدية فلن يكون بالإمكان استعادة الثقة. قد تكونون أكثر من يعلم أنه في تاريخ لبنان، وبالرغم من كل التحديات التي واجهناها ولا نزال نواجهها، فإنه ما من أحد استثمر في لبنان ....وخسر، وأن المناعة التي يتمتع بها اقتصادنا حمتنا وساعدتنا حتى نصمد. ولكن اليوم لم يعد باستطاعتنا أن نراهن فقط على مناعتنا، بل بات من الضروري أن ندعمها ونحصنها باستعادة الثقة التي تزعزعت في السنوات الماضية.

نحن نعمل لنحسّن مؤشراتنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وليس أمامنا من حل اليوم إلا تفعيل النمو وتكبير حجم الاقتصاد. ولأن قناعتنا أن كل جهودنا على المدى القصير يجب أن تصبّ في تحقيق معدلات نمو أعلى، باشرنا العمل على خطين أساسيين:

الخط الأول: برنامج استثماري طموح، على اكثر من سبع سنين، ليعوّض الإهمال والترهّل بالبنية التحتية والتراجع بمستوى الخدمات العامة.

قد يكون النقاش في الفترة الأخيرة حول مشروع الموازنة قد أعطى انطباعا بأن سياستنا المالية تتلخص بالموازنة، أو بالإنفاق الجاري، ولكن هذا غير صحيح: نحن نضع اللمسات الأخيرة على برنامج استثماري للنهوض بالبنية التحتية والخدمات العامة في كل القطاعات وكل المناطق. أريد أن أستعيد ثقة المواطن بدولته وبمؤسساته.

كل البنى التحتية هي أولوية، وكل القطاعات بحاجة إلى اهتمام، بدءا من الاتصالات والإنترنت والكهرباء، والتربية والصحة، مرورا بالمياه والصرف الصحي، وصولا إلى الطرقات... 

الاقتصاد الحديث، الذي هو اقتصاد المستقبل، اقتصاد المعرفة والشباب، يتطلب بنية تحتية حديثة وتشريعات وإجراءات، وتنفيذ هذا البرنامج هو الذي يحقق النمو ويؤمن فرص عمل للشباب اللبناني.

إن أولوية أولوياتي هي تنفيذ هذا البرنامج الاستثماري، وسترون أن روحيته شبيهة، إلى حد كبير، بالبرنامج الذي تم تنفيذه في مرحلة التسعينات.

هذه فرصة لنحضّر لبنان لكي يكون، من جديد، مركز أعمال للمنطقة، ويلعب دورا أساسيا في إعادة إعمار سوريا، ولا داع لأن أفصّل لكم الطاقات والخبرات التي نملكها في هذا المجال.

نحن واجبنا أن نحضّر الأرضية. وبين هلالين، نحن في مواجهة أزمة النزوح السوري، نعتمد هذه المقاربة مع المجتمع الدولي: النازحون السوريون إخوان لنا، وأقل واجباتنا أن نستقبلهم ونتساعد مع المجتمع الدولي على مواجهة الكارثة الإنسانية التي يمرون فيها.

لكن هذا لم يعد كافيا: نحن بلد بنيته التحتية تتحمل 3 ملايين نسمة، واللبنانيون باتوا 4 ملايين، أضف عليهم مليون ونصف مليون نازح سوري وحوالي نصف مليون لاجئ فلسطيني، فإن ذلك يعني أن البنية التحتية نفسها باتت تحمل 6 ملايين نسمة.

أضعف الإيمان أن يتم رفع مستوى البنية التحتية في بلدنا، لتواجه هذا الضغط. وبهذه الطريقة، يستفيد لبنان، ويستفيد اللبنانيون وإخواننا النازحون يستفيدون أيضا. ونحن ندعو المجتمع الدولي، لكي يتحمل مسؤولياته معنا في هذا المجال!

الخط الثاني: إطلاق ورشة عمل شاملة لتحديث تشريعاتنا وإجراءاتنا، والقيام بالإصلاحات القطاعية الضرورية. والهدف خفض كلفة الإنتاج وزيادة قدرتنا التنافسية وتحسين مناخ الأعمال. لنكن واضحين: نحن نعلم أن لبنان في المرتبة 126 من اصل 190 بتحسين بيئة الأعمال، وهو في المرتبة 101 من اصل 138 بتنافسية الاقتصاد، وفي المرتبة 136 من اصل 175 بمؤشر مدركات الفساد ((Corruption Perception Index.

وهذه المرتبات لا تشجع القطاع الخاص ولا تساعد على استعادة ثقة المستثمر. وكلما تراجعت مرتبة أي بلد في هذه المؤشرات، كلما تتراجع معدلات النمو.

هذه المؤشرات، في قاموسي...غير مقبولة! نريد أن نعمل جميعا يدا بيد لنحسن تصنيف لبنان. نريد أن نستعيد الثقة وسنستعيدها بإذن الله.

هذه مرحلة جديدة، مرحلة لننهض بلبنان. وجميعكم تعلمون أن الاقتصاد اللبناني يستجيب بسرعة وبدينامية للسلبيات وللإيجابيات. هذا يعني أن اقتصادنا لديه مرونة عالية، وأنا على ثقة أنه إذا ما حيّدنا طاقاتنا وخبراتنا عن العرقلة السياسية، وفتحنا المجال لشبابنا المبدع والشجاع وتعاونا سويا، فإن النتيجة لن تكون إلا النجاح، بإذن الله، لأنه لم يعد أمامنا من حل سوى النجاح!

وأنا أود أن أشكر الجميع لأن هذا البلد يمكن أن ننجز فيه فعلا الكثير من الأمور، واليوم هناك إرادة سياسية جدية، وكما ترون فإن هناك تواصل وتعاون بيني وبين فخامة رئيس الجمهورية وبين دولة رئيس مجلس النواب لحل كل المشكلات.

أنا أود أن أطمئن اللبنانيين، ففي الغد أو في الأسبوع المقبل، نكون قد أنجزنا الموازنة، وإن شاء الله نقر اليوم السلسلة، وستكون هناك حوافز كبيرة جدا في الموازنة، خاصة للقطاع الخاص، فنحن اليوم بحاجة إلى إعطاء هذه الحوافز للاقتصاد اللبناني لكي يتحرك. وكل من لديه اقتراحات لي فليتفضل إلى السراي ويبلغني بها، وإن شاء الله ستجدوننا نستجيب إلى كل الاقتراحات.

عشتم وعاش لبنان.

جميع الحقوق محفوظة ©      ملاحظة قانونية  |   إتصل بنا  |  خريطة الموقع
تم انجاز هذا الموقع بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية