Republic of Lebanon

الرئيس الحريري خلال اطلاق خطة لبنان للاستجابة اللازمة: ندعو المجتمع الدولي لمساعدة لبنان لأننا لن نشعر لوحدنا بالعواقب

الخط + -
19 كانون الثاني 2017

دعا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في تحمل عبئ ازمة النزوح السوري لمواجهة اقسى واطول الازمات التي يشهدها وقال خلال اطلاقه "خطة لبنان للاستجابة اللازمة" في احتفال اقيم مساء اليوم في السراي الكبير في حضور الوزراء مروان حمادة، ميشال فرعون، جان اوغسابيان، غازي زعيتر، يعقوب الصراف، ايمن شقير، غطاس خوري، نقولا تويني، معين المرعبي، بيار ابي عاصي، رائد خوري، سيزار ابي خليل، عناية عز الدين، عميد السلك الدبلوماسي العربي سفير الكويت عبد العال القناعي، عميد السلك الدبلوماسي الاجنبي السفير البابوي غبريال كاتشيا، وعدد من السفراء العرب والاجانب، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومستشار الرئيس الحريري لشؤون النازحين الدكتور نديم المنلا، وحشد من النواب والشخصيات ورؤساء البعثات والمنظمات الدولية المعتمدين في لبنان: "ندعو المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في هذه المهمة الكبيرة لاننا لن نشعر وحدنا بعواقب عدم المساعدة بل سيشعر بها العالم باسره، ونريدها فرصة للامل ببلد عانى الكثير من الصدمات في الاعوام الماضية."

 

كلمة لازاريني

استهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ثم القى المنسق المقيم لانشطة الامم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني الكلمة التالية:

مرّت ست سنوات على بداية الصراع في سوريا – صراع أدى الى أكبر أزمة إنسانية في عصرنا. وفيما يواصل المدنيون اليائسون الهروب من الصراع بحثاً عن الأمان، وضعت الأزمة التضامن الدولي تحت اختبار في ضوء الأزمات المتنافسة والموارد المحدودة.

 ويبقى لبنان في طليعة مواجهة هذه الأزمة. فعلى الرغم من الموارد المحدودة، أظهر اللبنانيون إلتزاماً استثنائياً وتضامناً من خلال فتح أبوابهم لمليون ونصف لاجئ هربوا من سوريا التي مزقتها الحرب.

اسمحوا لي أن أشيد بالكرم الإستثنائي والإلتزام الذي أظهرته المجتمعات اللبنانية المضيفة التي كانت في طليعة من قدّم المساعدة للاجئين. لقد فتحت المجتمعات اللبنانية مدارسها وعياداتها وحتى بيوتها لمئات الآلاف من السوريين الذين هربوا من بلادهم وهم غالباً ما خسروا جميع ممتلكاتهم. لقد أظهر اللبنانيون للعالم معنى الكرم، والواقع أن العالم مدين جداً للشعب والسلطات اللبنانية.

إنها لمساهمة أساسية ليس للسلام والأمن في المنطقة وحسب إنما أيضا للإنسانية؛ غير أنّها كبدّت لبنان تكلفة باهظة مضافةً الى التحديات السابقة مما أوصل لبنان الى حدّ استنزاف موارده.

اسمحوا لي أن أقدم لكم بعض الأرقام. يستضيف نحو 251 موقع متأزم في لبنان حوالي 90% من اللاجئين كما يقطنها ثلثا اللبنانيين المحرومين. تفتقر هذه المواقع الى الموارد والإمكانيات في مواجهة الطلب المتزايد على الخدمات العامة والإجتماعية.

فعلى سبيل المثال، ارتفعت كلفة جمع النفايات من قبل البلديات بنسبة 40% خلال السنوات الخمسة الماضية، في حين أدى الغياب شبه التام لمرافق إدارة النفايات الصلبة  الى رمي غير صحي للنفايات في أنحاء البلاد مؤدياً الى أزمة صحية وبيئية.

ارتفع الطلب على المياه بحوالى الثلث منذ العام 2011، مما شكل تحدّ للنظام القائم الذي يربط 80%  فقط من الأسر بالمياه الجارية ويعالج أقل من 10% من مياه الصرف الصحي.

وفي الوقت عينه، أعاق الصراع في سوريا النمو الإقتصادي والمسارات التنموية بحيث أغلقت بعض الأسواق التقليدية وازدادت البطالة بشكل كبير وتراجعت ثقة المستثمرين.نتيجة لذلك، بدأت التوترات المجتمعية بين جماعات مختلفة في حين تتعمق الفوارق الإجتماعية والإقتصادية في البلاد.

حضرة الزملاء،

على الرغم من الإحتياجات المتنافسة، يواصل المجتمع الدولي دعمه الكبير للبنان. فمنذ بداية الأزمة في سوريا، تم تقديم أكثر من 4.9 مليار دولار كمساعدات انسانية للبنان لمواجهة آثار الأزمة.

 في العام 2016، وصلت المساهمات الإنسانية الى حوالى 1،3 مليار دولار. وقد سمح لنا هذا الدعم الكبير، الذي وضع لبنان في المرتبة الثانية من حيث تلقي التمويل الإنساني بعد سوريا، بمعالجة الإحتياجات الملّحة لأكثر من 1،7 مليون فرد متأزم، في الوقت عينه مساندة المجتمعات المضيفة في الإستجابة للأزمة على جميع الأصعدة. معاً،حققنا نتائج مهمة.

في العام الماضي، وعلى سبيل المثال تلقى أكثر من 860،000 فرد متأزم من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين المساعدات الغذائية بصورة شهرية.... وسمحت الجهود الحثيثة من قبل الحكومة اللبنانية والجهات الدولية المانحة بإلتحاق أكثر من 150،000 لاجئ ونحو 200،000 طفل لبناني في التعليم الأساسي ... الى ذلك، تم إنشاء وتطوير أكثر من 200 كلم من شبكات توزيع إمدادات المياه العامة مما أتاح ل 800،000 شخص الوصول الى خدمات المياه والصرف الصحي.

وأخيراً، قدمنا المزيد من الدعم بشكل مساعدات نقدية ساهمت في تعزيز الإقتصاد المحلي. في العام 2016،  استثمرنا  من خلال المساعدات النقدية فقط حوالى 400 مليون دولار في الإقتصاد اللبناني، مما عاد بالمنفعة على المتاجر المحلية والمنتجين على حد سواء.ومع ذلك،لم تكن الإستجابة للإحتياجات الأكثر إلحاحاً كافية لمعالجة كل ذيول الأزمة.

فالفقر آخذ في الازدياد. فمنذ العام 2014،تضاعف عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2،4 دولار يوميا إلى 1،2 مليون نسمة مما يعني أن ما يقدر ب 300،000 لبناني، وأكثر من 70% من اللاجئين السوريين يغرقون أكثر فأكثر في دورة خانقة من الديون. وقد لجأ العديد منهم إلى آليات المواجهة السلبية لتغطية نفقاتهم، مثل عمالة الأطفال والزواج المبكر.

 على الرغم من التقدم المحرز في قطاع التعليم،لا يزال أكثر من 200،000 طفل لاجئ خارج المدرسة بحيث تُجبر العائلات اليائسة على الإعتماد على أبنائها لكسب الدخل،مما جعل من عمالة الأطفال وغيرها من العوامل عائقا رئيسياً أمام الالتحاق بالمدارس والحضور.

حضرة الزملاء،

نحن هنا اليوم لإطلاق خطة لبنان للإستجابة للأزمة 2017-2020. وجاءت هذه الخطة المشتركة بين الحكومة اللبنانية وشركائها الدوليين نتيجة التعاون القوي والالتزام والتفاني.لم تتغير أهدافنا لعام 2017 عن السنوات السابقة. تكرّس الخطة التزامنا المشترك بالحفاظ على استقرار لبنان وقدرته على الإستجابة للإحتياجات الملحّة للفئات المتأزمة.

نتطلع اليوم الى تأمين تمويل بقيمة 2،8 مليار دولار من أجل تلبية إحتياجات الحماية والمساعدة المباشرة ل1،9 مليون شخص وتأمين الخدمات الأساسية ل2،2 مليون شخص؛ فضلاً عن الإستثمار في البنية التحتية والاقتصاد اللبناني والمؤسسات العامة.

حضرة الزملاء،

 إن إطالة أمد الأزمة في سوريا يزيد من تأثيرها على لبنان. وفي حال المزيد من الإمتداد، سنجد أنفسنا نخاطر بسيناريو تتلكأ فيه المجتمعات المضيفة عن مواظبة كرمها كما قد يزداد منسوب التوترات.

إستمرار المساعدات الإنسانية سيكون الجوهر لضمان إستقرار لبنان. لا نستطيع تحمل وضع مثل ذاك في العام 2015 حين أجبر الشحّ في موارد برنامج الأغذية العالمي على خفض قيمة المساعدات الغذائية الى النصف أي 13 دولار للشخص الواحد شهرياً. جميعنا يذكر جيداً التأثير الكارثي لذلك التدبير

ولكن التجربة اللبنانية تظهر أن المساعدات الإنسانية وحدها لا تستطيع مواجهة الطبيعة المطولة للأزمة السورية. يريد اللاجؤون العودة الى ديارهم وسيعودون عندما تتأمن ظروف عودة آمنة وعند بلوغ حلّ سياسي للصراع. في غضون ذلك وأثناء نزوحهم يجب أن يكونوا قادرين على العيش بكرامة. فلنعمل معاً لإيجاد إستجابات مبتكرة تستهدف اللبنانيين والسوريين على حد سواء وتساعد لبنان في تحويل الأزمة الى فرصة لبناء المستقبل.

هذا يعني الإستثمارات لمساعدة  لبنان في وقف التدهور الاقتصادي من خلال تعزيز القطاعات الإنتاجية الرئيسية وتحديث البنية التحتية للبلاد. ومن شأن ذلك ليس فقط تعزيز قدرة لبنان على إدارة تأثير الأزمة وإنما سيجعل منه مرساة للإستقرار وقوة دافعة نحو إعادة الإعمار في المنطقة.

الدعم الدولي وحده لا يستطيع تحقيق كل شيء. لتحسين هذه الإستثمارات سيكون من الضروري إجراء إصلاحات هيكلية، وسنّ قوانين أساسية، والتفاوض على أشكال جديدة من الإتفاقات التجارية. لا يجوز اعتبار إستقرار لبنان أمراً مفروغاً منه والحفاظ عليه أمر أساسي.نحن معا في هذا المجال. لدينا مسؤولية جماعية في مواجهة آثار الأزمة. تضامننا أمر أساسي. فلنترجمه من خلال تلبية إحتياجات من يعيشون هنا آملين بمستقبل أفضل وإستقرار البلاد. اسمحوا لي أن أعرب عن خالص تقديري لرئيس الوزراء السابق تمام سلام ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على دعمهما القوي وقيادتهما. وأود أيضا أن أعرب عن امتناني للشركاء بما في ذلك المعنيون بالحكومة، والجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة وكذلك المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية على عملهم الدؤوب من أجل ضمان نجاح الخطة.

 

كلمة كاغ

بعد ذلك تحدثت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ فقالت:

يشرفني الانضمام إلى إطلاق خطة لبنان للاستجابة للازمة 2017-2020 مع دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ونائبي السيد فيليب لازاريني.

منذ أطلقنا هذه الخطة  في شهر كانون الاول في العام 2015، مع رئيس الوزراء السابق تمام سلام وفريقه، حدثت العديد من التطورات الإيجابية والمشجعة في لبنان .

واود ان اذكر بتقريري مجلس الأمن خلال شهري تموز وتشرين الثاني  2016، اللذين دعيا لتحقيق تقدم سياسي على عدد من الصعد الأساسية في لبنان: فقد تم إحراز تقدم ملحوظ خلال الاشهر القليلة الماضية، ساعدت  لبنان في العودة إلى المسار الصحيح.

ان انتخاب الرئيس عون وتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة الرئيس الحريري، تعكس الإرادة السياسية تجاه اعادة التوحيد والتفعيل الشامل للمؤسسات.

ان التشكيل السريع للحكومة، يظهر قدرة لبنان المعروفة في التوصل الى الحلول التسووية والبراغماتية ، ونحن نتطلع إلى العمل جنبا إلى جنب مع الحكومة بشأن العديد من الأولويات المتفق عليها، و هذه الخطة تشكل احد أبرز مجالات العمل المشترك والتعاون.

ان  النقاط التي تضمنها البيان الوزاري لإعادة إنعاش الاقتصاد تشكل أولوية رئيسية ، هذا أمر  مطلوب واكثر من ملحّ . يجب المحافظة على الاستقرار الاقتصادي في لبنان وتعزيزه بغية حماية البلاد، اذ يمكن للإنعاش الاقتصادي أن يسهم أيضا في تحسين البيئة الاجتماعية-السياسية، وتعزيز التماسك الاجتماعي. هذه فرصة هائلة يجب استثمارها من اجل الاستقرار والامن في لبنان.

 تابعت كاغ: ان المناقشات حول الجدول الزمني للانتخابات والاصلاح تشكل إشارات مهمة للحاجة إلى دعم العملية الديمقراطية باعتبارها مسؤولية وطريقة محاسبة من قبل المواطنين اللبنانيين والتقاليد الديموقراطية في لبنان.

مع دخول الأزمة في سوريا قريبا عامها السابع، أثبت لبنان وجميع اللبنانيين التضامن المثالي المستمر تجاه اللاجئين على الرغم من الشكوك والمخاوف المشروعة. هذا التضامن الفريد يستحق احترامنا وتقديرنا المطلق . كما أنه يشكل دليلا واضحا على إنسانيتنا المشتركة، وبحسب  تعبير الرئيس عون في خطابه الأخير إلى أعضاء السلك الدبلوماسي: "ليس على لبنان وحده التعامل مع تأثير الأزمة السورية"، لذا يمكننا، وينبغي علينا جميعا ان نقوم بأكثر من ذلك.

لقد أعطانا إعلان نيويورك بشأن تحركات المهاجرين واللاجئين الواسعة فكرة مبنية على مباديء شراكة المسؤولية العالمية، و هذا امر يجب ان يطبق الان ، وسوف يحتاج الى تضامن دولي وعمل جماعي حقيقي، وهذا ايضا من أولويات الأمين العام السيد غوتيريس.

 يجب على الدعم الدولي ان يستمر خاصة عندما تكون الموارد محدودة، وتكون هناك أزمات مأساوية مستمرة. ونظرا لاهمية ذلك اننا نحاول تحويل الأزمة إلى فرصة، هذا هو الوقت المناسب للبنان. ونحن بحاجة أيضا إلى مواجهة المعوقات الموجودة التي تعيق محاولات التطور ، وهذا يعني استمرار التركيز على أولويات التنمية مثل التعليم الشامل. كما ينبغي ايضا تعزيز الاستثمارات في النمو الاقتصادي وتحديد الأصول الاجتماعية والاقتصادية الجديدة لتعزيز الاستقرار في البلاد.

ان هذه الخطة هي جزء اوسع للمقاربة اللبنانية التي تتضمن ثلاث ركائز وهي : السلام والأمن، الاستقرار والهدوء .هذا الامر يتطلب المحافظة بشكل مركز على تقديم المساعدة الإنسانية لجميع المجتمعات الضعيفة، بالتزامن  مع تنفيذ الالتزامات المعلنة في مؤتمر في لندن 2016، والتي تهدف بشكل قوي ومستمر لتوسعة الاستثمارات والشراكات واعطاء نماذج تضمن اعادة النهوض ، وتسمح  بالسير  نحو  استراتيجيات التنمية على المدى الاطول.

إنني لطالما اكدت ان لبنان سيكون دوما  ذا فائدة عامة للمنطقة  ومقياسا لبناء الثقة،  وهذا الدور الحيوي ونموذج التسامح  الحقيقي والعيش المشترك يجب المحافظة عليه.

 

كلمة الرئيس الحريري

ثم القى الرئيس الحريري الكلمة التالي:

حضرة السيدات والسادة،

أصدقاء لبنان،

أرحب بكم جميعاً في حفل إطلاق "خطة لبنان للاستجابة للأزمة" 2017-2020، وهي خطة مشتركة، تمتد لعدة سنوات، بين الحكومة اللبنانية وشركائها الدوليين والمحليين، تهدف إلى الاستجابة للتحديات المرتبطة بواحدة من أقسى  وأطول الأزمات التي يشهدها لبنان.

والأكيد أن الأزمة التي وصفت "بالطارئة" قبل ست سنوات أصبحت اليوم واحدة من أقسى الأزمات التي واجهها لبنان، وكان لها تداعيات صارمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

وقد أثبتت أزمة النزوح السوري أنها أزمة معقدة ومدمرة. فالضغط على اقتصادنا الحقيقي نتيجة الصراع في سوريا كان هائلاً وغير مسبوق.

وبالفعل، شهد لبنان انخفاضاً حاداً في النمو الاقتصادي من معدل 8 بالمئة في السنوات التي سبقت الأزمة إلى معدل 1 بالمئة خلال سنوات الأزمة.

وبالرغم أننا لا نستطيع أن نعزو سبب النمو البطئ إلى وجود النازحين السوريين وحده، فإن النمو البطئ في السنوات الماضية قد قلص قدرتنا على التعامل مع النازحين.

إلى ذلك، تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن لبنان قد تكبد خسائر بلغت 13.1 مليار دولار منذ عام 2012، منها 5.6 مليار عام 2015 وحده.

وازداد عدد السكان في لبنان بنسبة الثلث على مدى ست سنوات، ما شكل ضغطاً هائلاً على الخدمات العامة التي أصبحت تعمل أكثر من طاقتها. وتجاوز الطلب قدرة المؤسسات والبنى التحتية على تلبية حاجات النازحين السوريين والمواطنين اللبنانيين.وقد فتحت المجتمعات اللبنانية أبواب مدارسها وعياداتها وحتى منازلها لمئات الآلاف من السوريين الذين فروا من بلادهم بحثاً عن الأمان والمأوى.

واليوم، يبلغ عدد التلامذة السوريين المسجلين في المدارس الرسمية أكثر من 250 ألف تلميذ. إلى ذلك، فإن القطاع الصحي العام يراكم الديون بسبب عدم قدرة المرضى السوريين على تغطية حصتهم من الفواتير. وارتفعت معدلات البطالة خصوصا بين الشباب اللبناني وإزدادت حدة الفقر. كما أن النمو البطئ، إلى جانب الخدمات العامة المستنزفة، قد شكل ضغطاً هائلاً على وضعنا المالي الدقيق أصلاً.

من الأولويات القصوى لحكومتي احتواء العجز في الميزانية ورفع مستوى البنى التحتية وتحفيز النمو. وهذا الجهد سيقوض بشدة نتيجة الوجود الكثيف للنازحين السوريين.وفي مواجهة التأثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الكبير للأزمة، وضعت حكومتي هذه القضية على رأس أولوياتها وقررت معالجتها من خلال سياسة موحدة واستراتيجية شاملة محددة الأولويات.

أولاً، قمنا بتعيين وزير دولة للنازحين السوريين هو السيد معين مرعبي.

ثانياً، قمنا بتشكيل لجنة وزارية تضم جميع الوزارات المعنية وذات الصلة. وأترأس شخصياً هذه اللجنة. وقد عقدت اللجنة أول اجتماع لها الأسبوع الماضي لتنسيق القضايا المتعلقة بالأزمة وكلفت وزير الدولة للنازحين السوريين وضع ورقة سياسية تهدف إلى:

إجراء مسح شامل لوجود النازحين السوريين في لبنان.

تقويم تأثير وجودهم على الاقتصاد الحقيقي والوضع المالي والبنية التحتية المادية.تحديد المشاريع ذات الأولوية التي تساعد على دعم المجتمعات المضيفة وتخفيف آثار الأزمة عنها.

نتوقع أن تكتمل الورقة السياسية في غضون شهر.

ثالثا، سأفعّل وأرأس لجنة توجيهية رفيعة المستوى وذلك تماشيا مع الالتزامات المعلنة في مؤتمر لندن عام 2016  وسأحدد موعدا للاجتماع الأول للجنة الأسبوع القادم.

السيدات والسادة،

إن الشعب السوري يعاني منذ ست سنوات تقريبا وهذه مأساة حجمها تاريخي.يتشعب من هذا النزاع عدد من الملفات، احدها ملف النازحين السوريين وهو مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي بأسره.على مدى السنوات الست الماضية، أظهر لبنان التزاما وتضامنا استثنائيين مع النازحين السوريين.بذلنا قصارى جهدنا ليحصل كل نازح سوري على المأوى والتغذية والتعليم والطبابة، في وقت تستنفد قدرات المجتمعات المحلية المضيفة والخدمات الحكومية.

في السنوات الثلاث القادمة، يحتاج لبنان الى استثمارات جديدة لا تقل عن 8 إلى 10 مليارات دولار في البنية التحتية لرفع مستوى البنية التحتية القائمة والاستثمار في مشاريع جديدة والتعويض عن التدهور الذي حدث بسبب وجود 1.5 مليون نازح سوري على أراضينا.

كان الدعم والمساهمات وتضافر الجهود من قبل المجتمع الدولي حتى الآن، التي نرحب بها ونقدرها، ذات طابع إنساني بشكل اساسي وغير متناسب مع الاحتياجات الكبيرة للمجموعات المتضررة، من نازحين سوريين ومجتمعات مضيفة.أمن لبنان واستقراره هو الأولوية بالنسبة لي. ان حماية وتعزيز هذا الاستقرار باعتباره اساسا لتحقيق الازدهار والتنمية ومساعدا لإعادة الإعمار في المنطقة، هو لمصلحة كل من لبنان والمجتمع الدولي. لا يمكن أن يستمر لبنان في تحمل عبء هذه الأزمة دون دعم دولي كاف وكبير لمؤسساته وبنيته التحتية.

وللقيام بذلك بشكل صحيح، ندعو المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في هذه المهمة الكبيرة. لأننا لن نشعر وحدنا بعواقب عدم المساعدة، بل سيشعر بها العالم بأسره. والسبيل الوحيد لمواجهة هذه الأزمة هو في ايجاد فرص للجميع.  نريدها فرصة للأمل لبلد عانى الكثير من الصدمات على مدى عقود وما يزال صامدا. نريدها فرصة لتعزيز الثقة في مؤسساتنا واقتصادنا و فرصة للنمو الاقتصادي وفرص العمل وفرصة لتحقيق التنمية المستدامة.

أشكركم جميعا، مؤسسات حكومية وشركاء دوليين ومجتمع مدني على عملكم الدؤوب ودعمكم على مدى السنوات الست الماضية. انتم شركاؤنا الرئيسيون في مسيرتنا إلى الأمام. أعول على دعمكم ومساعدتكم لتنفيذ سياسة الحكومة اللبنانية التي تهدف إلى معالجة التحديات المرتبطة بهذه الأزمة غير المسبوقة.

وشكرا.

 

جميع الحقوق محفوظة ©      ملاحظة قانونية  |   إتصل بنا  |  خريطة الموقع
تم انجاز هذا الموقع بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية