Republic of Lebanon

دولة الرئيس سليم الحص

الخط + -
04 كانون الأول 1998

الحكومة الرابعة والستون

حكومة الرئيس سليم الحص


الحكومة الاولى في عهد الرئيس اميل لحود

كلف الرئيس سليم الحص بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 3 تاريخ 4 كانون الاول 1998

تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 4 تاريخ 4 كانون الاول 1998

فنالت الحكومة الثقة (14 كانون الأول 1998) بأكثرية 85 صوتا وامتنع 31 نائبا عن التصويت

استقالت الحكومة بتاريخ 26 تشرين الاول 2000


وتألفت من

نائب رئيس مجلس الوزراء المر، ميشال
وزير الاسكان والتعاونيات فرنجية، سليمان
وزير الاشغال العامة ميقاتي، محمد نجيب
وزير الاعلام الخليل، انور
وزير الاقتصاد الوطني والتجارة السعيدي، ناصر
وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية نعمان، عصام
وزير البيئة نازاريان، ارتيور
وزير التربية الوطنية والشباب والرياضة بيضون، محمد يوسف
وزير التعليم المهني والتقني بيضون، محمد يوسف
وزير الخارجية الحص، سليم
وزير الداخلية المر، ميشال
وزير الدفاع الوطني زعيتر، غازي
وزير الزراعة فرنجية، سليمان
وزير السياحة نازاريان، ارتيور
وزير الشؤون الاجتماعية موسى، ميشال
وزير الصحة العامة كرم، كرم
وزير الصناعة السعيدي، ناصر
وزير العدل نعمان، عصام
وزير العمل موسى، ميشال
وزير المالية قرم، جورج
وزير المغتربين الحص، سليم
وزير الموارد المائية والكهربائية طرابلسي، سليمان
وزير النقل ميقاتي، محمد نجيب
وزير دولة لشؤون الاصلاح الاداري شلق، حسن
وزير دولة للشؤون البلدية والقروية المر، ميشال
وزير شؤون المهجرين الخليل، انور
وزير لشؤون الثقافة والتعليم العالي بيضون، محمد يوسف
 

    البيان الوزاري

    على مفترق قرنين تذوق اللبنانيون في خلال الاول منهما نصر الاستقلال ، وتمتعوا بنعمة الحرية ، واسهموا في صوغ الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، واشاعوا في وطنهم روائع العمران ، وانتشروا في القارات الخمس يعملون ويبدعون ويتواصلون مع الوطن الام ، يقف اللبنانيون اليوم على عتبة قرن بازغ مثقلين باعباء حرب خبت نارها ومكث رماد اثارها ، ليختلط برماد حرب سبقتها في حرم مهد السيد المسيح وموطىء الاسراء والمعراج وقذفت

    الى ارضنا وجوارنا القومي الوفا من النازحين المظلومين ، كما اختلط برماد حروب اخرى اشد ضراوة قضمت جسد الامة في اكثر من موضع ، وطعنت هيبتها في الصميم ، واورثت كوارث وازمات في شتى الميادين.

    واذا كان لبنان قد تأثر بهذه الاحداث الجسام وتضرر منها فلانه جزء لا يتجزأ من الوطن العربي ، يعاني من مغارمه كما يفيد من مغانمه . انها شراكة التكوين والحياة والتاريخ والمصير.

    واذ نهض لبنان من عثرته بعد حرب فاجرة اكلت البشر والشجر والحجر طيلة عقدين من الزمن فأن نهوضه جاء مترافقا مع صعوبات وتحديات انعكست على ادارات الدولة كما على مؤسسات المجتمع المدني ، فكان ان انتهى العقد المنصرم - وهو الذي دشن حركة النهوض - الى كثير من الشكوى والتظلم . وما كنا لنشير الى ذلك لولا ان بعض اهل العهد المنصرم انفسهم شهدوا به من خلال اعترافهم بالأخطاء التي ارتكبت.

    حيال هذه الخلفية القاتمة من الاخطاء والخطايا ، استقبل العهد الجديد ، عهد الرئيس اميل لحود، بما يشبه الاجماع على تحميله عنوان التغيير. وشعار التغيير انما يستبطن معاني الرفض للواقع الراهن. فلو كان الناس راضين عما هم فيه من ضيق عيش وهشاشة امل لما كانت الدعوة الى التغيير والاصلاح لتدوي او لتلقى صدى بين المسؤولين والمواطنين.

    اننا في حكومة الانقاذ والتغيير اذ نتبنى هذه الدعوة لا نجيز لانفسنا ان نبخس العهد المنصرم حقه ، فقد تحققت خلال ذلك العهد جملة انجازات ابرزها الاتية :

    في ولاية الحكومة الاولى التي كنت رئيسها تم انهاء حال الاقتتال ، والغيت خطوط التماس ، وطويت صفحة الانقسام ، وادخلت مضامين وثيقة الوفاق الوطني في متن الدستور نصوصا واحكاما فبزغ فجر جمهورية جديدة.

    وفي ولاية حكومة الرئيس عمر كرامي حلت الميليشيات ، وجمع منها السلاح ، ووضع اول مشروع خطة مرحلية لاعادة التأهيل والاعمار.

    وفي ولاية الرئيس رشيد الصلح اجريت اول انتخابات نيابية بعد انقطاع دام عشرين عاما.

    وفي ولاية الرئيس رفيق الحريري اطلقت حركة اعمار واسعة.

    وقد حرصت كل الحكومات المتعاقبة على ترسيخ العلاقة القومية المميزة بين لبنان وسوريا من خلال السياسات المتبعة كما من خلال الاتفاقات الموقعة ، وصولا الى ترسيخ التحالف القومي القائم بينهما.

    لكن العهد المنصرم انتهى ، كما قلنا ، الى كثير من الاخطاء والخيبة وسط غياب للمساءلة والمحاسبة الامر الذي يدل على شحوب الديموقراطية في بلادنا . وهل من فعالية للحكم الديموقراطي اذا كان مفرغا من المساءلة والمحاسبة ؟

    من أجل الانقاذ والتغيير ، اذا ، جاء العهد الجديد وحرص الرئيس اميل لحود ، رائد توحيد الجيش وبنائه وواضع اسس عقيدته القتالية الوطنية وحامل ارادة التغيير في سلوكه وادائه ، على تضمين خطاب اليمين الدستورية معاني الانقاذ والتغيير والاصلاح والديموقراطية والشفافية . وان الحكومة اذ تتبنى معاني هذا الخطاب - الرؤية وتعتبره اساسا لبيانها الوزاري تنطلق من هذه المعاني بالذات لترسم لوحة جامعة لمفردات برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

    علينا ان نحاذر بادىء الامر ، المغالاة في ما يستطاع تحقيقه فورا او في خلال فترة وجيزة . فبعض المشكلات والمعضلات اضحى متجذرا في حياتنا العامة وتتطلب معالجته خططا قد يمتد تنفيذها بعض الوقت .

    من ذلك قضية المهجرين ومعضلة عجز الموازنة ، ومشكلة الدين العام المتفاقم ، ووطأة الوضع المعيشي والاجتماعي ، وقضايا الاصلاح السياسي والاداري والقضائي ، وتنمية القطاعات الانتاجية في الاقتصاد الوطني ، ومن ثم القضاء على افة البطالة . حسبنا ان تتوخى الحكومة رسم اطار عام للأهداف التي تسعى جادة من اجل تحقبقها على مراحل.

    الاطار العام للأهداف الوطنية اولا ، تعزيز التحالف القومي مع سوريا بتفعيل معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق معها ، وتأكيد وحدة الشعبين ووحدة المسارين في مواجهة الاطماع الاسرائيلية ، والنهوض الى احياء العمل العربي المشترك وتفعيله في اطار جامعة الدول العربية والارتقاء به من خلال صيغ تعاهدية اكثر جدية وفعالية .

    ثانيا ، دعم المقاومة الناشطة ضد الاحتلال الاسرائيلي لغاية تنفيذ القرار 425 دون قيد او شرط ، ودعم صمود ابناء المناطق المحتلة بما يوفر لهم قدرة البقاء والتشبث بالارض ، ونصرة قضية المعتقلين الرهائن في السجون الاسرائيلية كونها قضية قومية وانسانية ذات اولوية .

    ثالثا ، بناء دولة القانون والمؤسسات حيث ممارسة السلطة مقيدة باحكام القانون ، وادوار المؤسسات متكاملة ومضبوطة على ايقاع توفير كرامة العيش للمواطنين ، وترسيخ الوحدة الوطنية ، وتوطيد كيان الدولة .

    رابعا ، تعاون الحكومة مع مجلس النواب الى اقصى الحدود في اطار الدستور ، والالتزام بمبداء الفصل والتوازن والتعاون بين السلطات ، خصوصا وقد اصبحت بدعة الترويكا ذكرى من الماضي .

    خامسا ، حماية الحقوق والحريات العامة والخاصة التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية لا سيما ما يتعلق منها بحرية المعتقد والرأي والتعبير قولا وكتابة ، وحرية الطباعة ، وحرية الاجتماع ، وحرية تأليف الجمعيات .

    سادسا ، تعزيز استقلالية القضاء ضمانا للحريات العامة وحقوق المواطنين.

    سابعا ، تعزيز مؤسسات الرقابة وتفعيلها وتحصينها توخيا لوضع الادارات والمؤسسات العامة في اجواء الاصلاح الاداري المنتظم والمنهجي المستمر ، واشاعة اجواء الحرب على الفساد والهدر والحرص على انتهاج سياسات تكرس عزم الحكم على استئصال هذه الآفة من الحياة العامة .

    ثامنا ، ايلاء ملف المهجرين اهتماما استثنائيا وتأمين جميع المقتضيات لانهائه في اطار برنامج زمني .

    تاسعا ، الاسراع في وضع مشروع قانون جديد للانتخابات يكفل صحة التمثيل الشعبي ونزاهة العملية الانتخابية وتكافؤ الفرص بين المرشحين ووضع سقف للنفقات الانتخابية ، وتنظيم الاعلام والاعلان الانتخابيين ، واعتبار هذا القانون منطلقا لمسيرة الاصلاح السياسي وتفعيل العملية الديموقراطية . عاشرا ، اقرار مشروع لللامركزية الادارية التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني ، يعزز ممارسة الديموقراطية ، ويساعد في تحقبق التنمية المتوازنة .

    حادي عشر ،التزام وثيقة الوفاق الوطني نصا وروحا والعمل على استكمال تنفيذ ما تبقى من بنودها .

    ثاني عشر ، وضع خطة انمائية مرحلية متكاملة ومتوازنة ذات اولويات محددة تقدم الاهم على المهم وتراعي امكانات الدولة المالية .

    ثالث عشر ، وضع خطة لمعالجة عجز الموازنة .

    رابع عشر ، تقليص عبء الدين العام على الاقتصاد الوطني سنة بعد اخرى على ان يكون الهدف التوصل الى تخفيض نسبة الدين العام الى الناتج المحلي .

    خامس عشر ، الحرص على الشفافية في كل مناحي الاداء الحكومي .

    سادس عشر ، العمل على تأمين مستلزمات تطبيق الزامية التعليم الابتدائي المجاني ، وتعزيز المدرسة الرسمية على كل المستويات . سابع عشر ، ايلاء الجامعة اللبنانية اهتماما خاصا ودعمها بجميع الوسائل المتاحة ، والاستفادة من الطاقات العلمية فيها .

    ثامن عشر ، وضع مشروع قانون عصري للجنسية ينظم شروط استحقاقها وينصف مستحقيها .

    تاسع عشر ، وضع سياسة بيئية للدولة تقوم على التعاون بين القطاعين العام والخاص ، ووضع خطة عمل تعتمد سلما للاولويات ، وايجاد آلية للتنسيق بين الادارات والمؤسسات العامة والبلديات في القرارات والمشاريع ذات الاثر البيئي .

    عشرون ، التعاون مع مجلس النواب في كل الاجراءات الآيلة الى الغاء الطائفية .

    معالجة الاختلالات الاقتصادية والمالية

    يواجهنا في المجال الاقتصادي والمالي تحديان : معالجة وضع عجز الخزينة ومستوى المديونية من جهة واعادة القدرة التنافسية الى الاقتصاد اللبناني وتطوير مناخ استثماري حقيقي يجتذب مدخرات اللبنانيين وغيرهم في الداخل والخارج الى المجالات الخدماتية والانتاجيةالمفيدة ، من جهة اخرى . والتحديان مرتبطان ارتباطا وثيقا وتقتضي مواجهتهما من جانبنا متلازمين وبالتصميم نفسه ومتسلحين بالثقة بقدرات شعبنا وبادراك الفعاليات الاقتصادية لصعوبة الوضع الذي ورثناه من جراء الممارسات المالية والاقتصادية السابقة .

    التحدي الاول هو وقف النزيف المالي الذي انطلق من السياسات الماضية والنهج الاعماري المتبع وتعثر عملية الاصلاح الاداري . لذلك تعتزم الحكومة وضع سقف لمجمل النفقات العامة في القطاع العام . وستعتمد مبدأ التقشف بانتظار نتائج المسح الاولى الذي ستجريه لأوضاع القطاع العام المالية وحالة العجز الفعلي للخزينة بما فيه المتأخرات المتعددة والمتراكمة ، ودراسة امكانات معالجتها طبقا للقوانين المرعية الاجراء وامكانية توفير التمويل اللازم . وستتقدم الحكومة من مجلس النواب ، عملا بمبدأ الشفافية ، بمشروع ، بمشروع قانون لفتح اعتمادات اضافية لتغطية النفقات التي ترتبت على الدولة في السنوات الماضية من دون ان يكون لها اعتمادات مرصدة ، والتي لم تدخل في حساب العجز في الماضي. ولا بد من الحؤول دون استمرار عجز الخزينة وتنامي الدين العام لأن الحكومة ترى ان اقتصاد البلاد لا يمكن ان يتحمل استمرار الدوران في الحلقة المفرغة حيث يؤول العجز الى زيادة مديونية الدولة وتؤول هذه الزيادة الى ارتفاع في خدمة الدين العام وبالتالي عجز الخزينة.

    ومن اهداف السياسة المالية ، بالاضافة الى مبدأ الشفافية في الانفاق والقضاء على الهدر ، تخفيف الاعباء الضريبية على الفئات المتوسطة والفقيرة . وفي المقابل ، فأن الحكومة ستقوم بتفعيل معاملات تحصيل جميع الرسوم والضرائب جبايتها وتوسيع قاعدة المكلفين . ومن شأن التدابير الصارمة التي ستتخذ في مجال الانفاق والموارد ، المساهمة في تخفيض نسبة العجز في الموازنة وبالتالي وقف زيادة نسبة الدين العام الى الدخل القومي .

    وتنوي الحكومة بذل قصارى جهدها لايجاد الصيغ المناسبة لتوزيع الاعباء خلال فترة التقشف بطريقة عادلة . وقد آن الاوان لأن نقيم مجتمع التكافل والعدالة الذي وحده يشكل القاعدة الصلبة لأي وفاق وطني قابل للديمومة .

    التحدي الثاني هو اعادة القدرة التنافسية الى الاقتصاد الوطني لأن الحالة التي نحن فيها جعلت جميع القطاعات الاقتصادية ، ومنها قطاع الخدمات ، تشكو من اختلالات مختلفة ، من تخمة هنا وانكماش هناك ، ومن بنية تكاليف هي الاعلى في المنطقة العربية بالمقارنة مع بعض الدول الصناعية . وستعمد الحكومة الى وضع سياسة اقتصادية شاملة هدفها تأمين الاستقرار الاقتصادي وازالة التشوهات والخروج من الركود ورفع معدلات النمو بتفعيل القطاعات الانتاجية واعطاء دور اساسي للقطاع الخاص وتشجيع المبادرة الفردية ، علما ان النقص الحالي في التمويل المتوسط والطويل آلاجل وتمركز التسليفات يعيق تطور القطاعات الانتاجية والاستثمارات . لذلك ، تتطلب هذه السياسة توفير وسائل تمويل متوسطة وطويلة الاجل وادخال التنكولوجيا الحديثة الى جميع القطاعات الانتاجية والصناعات اللبنانية خصوصا ذات القيمة المضافة المرتفعة كالتصنيع الزراعي ، ومنها الصناعات الغذائية ، ووضع اطار مؤسساتي قانوني شفاف يشجع الاستثمارات المباشرة ، المحلية والخارجية .

    وستعمد الحكومة لهذه الغاية الى تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفية ، وهي العامود الفقري لانتاجنا ، وذلك بتمكين هذه المؤسسات من الحصول على التمويل والتسهيلات اللازمة والافادة من الامكانات الجديدة التي تنتج عن اقرار قانون ضمان القروض المتوسطة والصغيرة ، الامر الذي يساعد على خلق فرص عمل جديدة ويحقق الانماء المتوازن وتكافؤ الفرص للصناعيين في كل القطاعات والمناطق اللبنانية.

    كما ستعمد الحكومة الى التعاون مع المجلس النيابي الكريم بغية الاسراع في اقرار قانون للضمان يوفر التأمين المناسب للبنانيين ويحمي المءوسسات من مخاطر الاستثمار ويفعل دور شركات الضمان ويمكنها ، الى جانب المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الاسواق المالية ، من تمويل مشاريع القطاع الخاص .

    كما ستسعى الحكومة الى التعاون مع السلطة الاشتراعية لاقرار قانون يرمي الى تشجيع الايجار التمويلي leasing الذي يسمح للمؤسسات بالحصول على المعدات والاصول المنقولة التي تحتاجها من دون ان تواجه الصعوبات المرتبطة بضرورة توافر رساميل تشغيلية لديها .

    وستبادر الحكومة ايضا الى وضع مشروع قانون جديد لمكافحة الاحتكار وتأمين المنافسة .

    ان تحقيق المزيد من الانفتاح الاقتصادي من شأنه تحصين الطاقات اللبنانية في اسواق المنافسة الدولية التي تتصف بدرجة متزايدة من التحرير ورفع القيود . لذلك فأن من الاهمية بمكان زيادة فرص التكامل الاقتصادي مع سوريا .

    ولتعزيز قدراتنا التنافسية والتركيز على القطاعات التي لدى لبنان ميزة تفاضلية فيها ، يجب علينا الاسراع في الاتضمام الى التجمعات الاقتصادية العربية والدولية ، كالسوق العربية المشتركة والشراكة مع الاتحاد الاوروبي ، والمنظمة العالمية للتجارة . وسوف يفتح هذا الانضمام امامنا فرص نمو للاقتصاد اللبناني عن طريق استقطاب الاستثمارات الخارجية وتشجيع المؤسسات العالمية على التمركز في لبنان . في هذا الاطار ، لا بد من الاشارة الى ان وضع سياسة تصديرية لتعزيز موقع منتجاتنا في الخارج ، هو من اولوياتنا . والسياسة التصديرية التي نبتغي لا بد من ان تقوم على اسس واعدة لجهة الجودة والنوعية . لذلك سنركزفي سياستنا الصناعية على تفعيل مؤسسة المقاييس والمواصفات ومعهد البحوث الصناعية .

    اما بالنسبة الى السياسة النقدية ، فأن الحكومة حريصة على الاستقرار النقدي وثباته ، وستعمل من اجل ذلك على تأمين التنسيق بين السياستين المالية والنقدية على نحو يؤدي الى تخفيض تكلفة الدين العام . وسيتم ذلك بالتعاون مع القطاع المصرفي والاسواق المالية الامر الذي يعززفرص الاستثمار ويجتذب رؤوس الاموال الخارجية وبالتلي يفعل الاقتصاد ويسرع وتيرة نموه .

    اما في موضوع الخصخصة فان الجميع يعلم ان الحكومات السابقة قامت بعمليات لنقل مرافق خدمات عامة من القطاع لعام الى القطاع الخاص من دون مراعاة كافية لضرورة حماية مصلحة الخزينة والمواطن . ومن توجهات حكومتنا اجراء خصخصة مدروسة لبعض الانشطة العامة واشراك القطاع الخاص في مرافق الخدمات العامة من اجل توسيع دوره في نمو الاقتصاد ، واستعمال الموارد المالية الناتجة عن هذه العمليات لتخفيف حجم الدين العام بحل مشكلة عجز الموازنة .

    والحكومة ستكون في منتهى الوعي في هذا المجال ، اذ ستحرص على ان تأتي عمليات الخصخصة بشكل يتم فيه تجنب الاخطاء التي ارتكبتها بعض الحكومات الاجنبية في خصخصتها لمؤسساتها العامة وعلى نحو يحفظ للعملية وجهها الديمقراطي بما يفيد اوسع شريحة من اللبنانيين . لذلك من الضروري ان تطلق عمليات الخصخصة من خلال اطار قانوني ومؤسساتي منظم وشفاف يلحظ انشاء هيئة عليا للاشراف والرقابة على الانشطة والمؤسسات التي سيتم تخصيصها للتأكد من المحافظة على المنافسة وتفادي تحول الاحتكار العام الى احتكار خاص لا رقيب عليه ، كما يتضمن الحفاظ على نسبة معينة من رأسمال المؤسسة المخصخصة لكل من العاملين فيها والمتعاملين معها والدولة ، تاركا النسبة الاوسع للجمهور اللبناني ، على ان يتم تنظيم ذلك كله بنصوص قانونية .

    ومن شأن الخصخصة ايضا تعزيز دور الاسواق المالية في اجتذاب المدخرات ورؤوس الاموال وذلك عبر طرح الاسهم في البورصة . وفي هذا المجال ، ستقوم الحكومة بوضع التشريعات اللازمة للاسواق المالية على نحو يلحظ انشاء هيئة عليا تتمتع بالاستقلالية في ممارسة مهامها .

    توجهات رئيسية في سياسة الحكومة

    اولا : في القضاء

    القضاء هو ضمير الدولة والمواطن والمجتمع . لذا فأن وزارة العدل ستتشدد في تطبيق القوانين والانظمة داخل ادارتها وخارجها . والقضاة نريدهم قدوة في احترام القانون .

    ولأن القضاء اساس في ترسيخ الأمن ، وتعزيز التنمية والديمقراطية وحقوق الانسان ، فأننا سنعمل على صون استقلالية القضاء وتحصينها وتطويرها . ان تعمير الثقة بالقضاء يستدعي العمل على تحديث الادارة في وزارة العدل وتجديد انظمتها ونصوصها كي تتلاءم مع متطلبات العصر وحاجات البلاد ، كما يستوجب تفعيل التعاون بين السلطة القضائية وسائر الادارات ولا سيما الاجهزة الامنية منها ، وعلى الاخص الضابطة العدلية . ولن تتأخر الحكومة عن وضع النصوص القانونية اللازمة لتأمين انتظام عمل المحاكم وضمان فعاليتها والتخصص في القضايا المالية وفي قضايا حماية الملكية الفكرية والادبية والصناعية . ومن شأن ذلك كله ان يرسخ ثقة المواطن بالدولة وثقة العالم بلبنان مما يساعد على اجتذاب الرساميل وتشجسع الاستثمارات .

    ولن تتأخر الحكومة ايضا عن معالجة واقع المحاكم والشكوى احيانا من تأخر اصدار احكامها . فهذا امر سنتصدى له بكل الامكانات لان تطبيق القانون يحقق وظيفة اصلاحية كبرى .

    اخيرا وليس اخرا ، ستقوم الحكومة بتعزيز القضاء في العاصمة وفي المناطق على حد سواء .

    ثانيا : في الاصلاح الاداري

    ان وضع الادارة اللبنانية سائب ولا يخلو من الفساد . ونحن لا نبتغي في حكمنا هذا التراشق بالتهم ، او القاء المسؤولية على احد ، وانما نريد الاستفادة من اخطائنا والعمل بالتالي على تصحيح المسار الاداري برمته .

    وكي نصحح هذا المسار لا بد من ان نطرح المسلمة الآتية:

    لايمكن اصلاح الادارة على مشارف الالف الثالث ببنية وهيكلية لبنان الخمسينات او الستينات - حتى ولو كانت هذه البنية جد صالحة في الاساس - ولا بموظف "جاهل" ، او "منغلق" ، او "لا شرعي" ، او "مأمور". ان الية التصحيح الاتية تتضمن تحقيق الخطوات الاولى لمسيرة الاصلاح الاداري المنشود :

    اولا : تصحيح البنية والهيكلية بما في ذلك دمج بعض الوزارات والمؤسسات والهيئات والصناديق المتماثلة وازالة الازدواجية فيما بينها.

    ثانيا : العنصر البشري هو روح الادارة ومحركها ، ولذلك فأن من المسلمات التزام ما يأتي :

    -وقف التعيين : الا في حالات الضرورة القصوى وعلى اساس الجدارة والاستحقاق.

    تفعيل الاعداد للوظيفة العامة الى حده الاقصى.

    -تفعيل التدريب والتأهيل.

    -تحقبق التوازن بين الحقوق والواجبات على اختلافها.

    تحقيق التوازن بين "الثواب والعقاب" في محاربة الفساد.

    ثالثا : تبسيط وتحيث اساليب العمل ووسائله ورفع مستوى الفعالية والانتاجية.

    رابعا : تصويب اوضاع المؤسسات العامة والبلديات ووضع ملاكات لها .

    ثالثا : في الاغتراب والمغتربين

    تسعى الحكومة الى تمتين صلات لبنان المقيم مع لبنان المغترب بالتواصل الحميم بينهما عبر هيئات لبنان السياسية في الخارج والمنظمات الاغترابية الفاعلة بغية تفعيل دور الانتشار اللبناني في العالم على صعيدي الدفاع عن القضايا العربية في مواجهة العدوان الاسرائيلي المستمر على شعبنا وارضنا من ناحية واجتذاب الرساميل اللبنانية المهاجرة للتثمير في الوطن الام من ناحية اخرى .

    رابعا : في الصحة العامة

    تتطلع الحكومة الى رسم سياسة صحية متكاملة وعادلة تعنى بالوقاية كما بالعناية والاستشفاء ، وذلك بالتنسيق بين جميع القطاعات العاملة في هذا المجال ، وهي تضع نصب عينيها تعميم الخدمات الصحية والوقائية على جميع قطاعات المجتمع كافة وتؤكد على النوعية والجودة بكلفة لا ترهق المواطن والدولة ، وذلك عبر ترشيد الانفاق في القطاع الصحي .

    ان حدة الازمة الصحية تتطلب برنامجا واضحا وعصريا مع الية تنفيذ واقعية وسليمة تعنى بتأمين النوعية والرقابة وتؤمن الاستمرارية .

    خامسا : في الاعلام تلتزم الحكومة في سياستها الاعلامية نصوص الدستور واحكام وثيقة الاتفاق الوطني ، خصوصا لجهة احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد .

    وهذا الالتزام ، يترجم بحرص الحكومة على ضمان الحرية الاعلامية وحمايتها وتحصينها من خلال الانظمة والقوانين المرعية الاجراء بحيث يكون تعاطيها مع وسائل الاعلام على اختلافها ، مرئية ومسموعة ومقرؤة ، مستندا الى مبداء الشفافية والموضوعية ؛ لأن من حق الناس ان يعرقوا الحقائق ، ووسائل الاعلام هي ابرز اداة اتصال بين الحكومة والشعب.

    وتعتبر الحكومة ان تطبيق قانون البث الاذاعي والتلفزيوني خلال السنوات الماضية ، اظهر حاجة ملحة لاعادة النظر فيه ، خصوصا لجهة معالجة بعض الثغرات ونقاط الخلل وذلك بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم ، على اساس موضوعي وقانوني .

    ليس ما ذكرنا هو كل ما لدينا من مشكلات ولا كل ما لدينا من معالجات لها . لذلك يهم الحكومة ان تؤكد لمجلسكم الكريم انها ستعقد خلوات واجتماعات متخصصة لدرس المشكلات التي تتعلق بعمل جميع الادارات والمؤسسات العامة والبلديات ، لتخرج منها برؤى مستقبلية ومعالجات موضوعية وسياسات تصحيحية . * * *

    في ضوء هذه الصعوبات والتحديات من جهة والفرص والآمال من جهة اخرى ، لا يسعنا الا التأكيد على حقيقة ساطعة تملأ وجودنا هي تصميمنا على مواجهة التحديات بعقل منفتح وارادة صلبة على طريق الوفاء باستحقاق التغيير والانخراط في صناعة الاصلاح السياسي والاداري والقضائي ، وانقاذ الوطن من الازمة الاقتصادية-الاجتماعية التي تتربص به .

    غير اننا في كل ما عرضنا من واقعات وتطلعنا اليه من توجهات والتزمنا به من واجبات نبقى مدركين ان الحكومة لا تستطيع الوفاء بتعهداتها الوطنية والاقتصادية والاجتماعية الا اذا كان مجلسكم الكريم منخرطا معها في معركة الانقاذ والتغيير والاصلاح .

    على هدي هذه الحقيقة نحتكم ، عبر مجلسكم الكريم ، الى الشعب طالبين ثقته وثقتكم .

    فالشعب ، كما قال رئيس البلاد ، هو الحكم واليه دائما الاحتكام .

 
جميع الحقوق محفوظة ©      ملاحظة قانونية  |   إتصل بنا  |  خريطة الموقع
تم انجاز هذا الموقع بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية