Republic of Lebanon

الرئيس الحريري يرعى افتتاح مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية في لبنان

الخط + -
06 آذار 2018

أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن نجاح مؤتمر "سيدر" يرتكز بشكل أساسي على نية جدية لدى المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان لدعم الاستقرار الاقتصادي فيه، كما أنه يرتكز على إرادة حقيقية لدى جميع الفرقاء السياسيين للمضي بعملية التصحيح المالي وتنفيذ الإصلاحات القطاعية والهيكلية التي من شأنها تفعيل نشاط القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وخلق معدلات نمو وفرص عمل مستدامة. 

وأعرب الرئيس الحريري عن أمله الكبير في أن يكون القطاع الخاص السباق في مؤتمر باريس، مشددا على أنه مع أن يجري لبنان الإصلاحات المطلوبة لتشجيع القطاع الخاص وتكون لدينا إصلاحات تمكّن الدولة من إيقاف الهدر والفساد وتعطي المواطن اللبناني ما يستحقه من خدمات في البنى التحتية.

كلام الرئيس الحريري جاء خلال رعايته صباح اليوم افتتاح مؤتمر "الاستثمار في البنى التحتية في لبنان" الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال والهيئات الاقتصادية اللبنانية في فندق فور سيزون. وفي ما يلي نص الكلمة:

بدايةً، أتقدم بالشكر من مجموعة الاقتصاد والأعمال والأستاذ رؤوف أبو زكي على الجهود المبذولة لتنظيم المؤتمر اليوم. الأستاذ رؤوف هو سَبّاق دائما في مواكبة الحكومة في عملها وأولوياتها.

كما أرحب بالمبعوث الفرنسي المنتدب لشؤون المتوسط، سعادة السفير بيار دوكان معنا، وهو الذي كلفه فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، تنسيق التحضيرات لمؤتمر "سيدر"، في باريس بعد اسابيع قليلة، والسفير دوكان نفسه هو الذي وضع هذا الاسم للمؤتمر، واعتقدنا بداية أنه يعني الأرزة، ولكن بعد ذلك علمنا من خلال تفصيله لمعنى الاسم أن هناك عمل كبير علينا القيام به ولا سيما على صعيد الإصلاحات.

أيها الأصدقاء،

نجتمع اليوم لنطلق سوياً "مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية في لبنان"، هذا المؤتمر الذي نسعى من خلاله إلى إطلاق مشاريع شراكة مهمة وطموحة بين القطاعين العام والخاص.

بالفعل إن لبنان يبدأ اليوم مرحلة جديدة وواعدة تتمثل بإشراك القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع البنى التحتية، لا سيما بعد إقرار مجلس النواب لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص العام الماضي.

إن إشراك القطاع الخاص في برنامج النهوض بالبنية التحتية هو موضوع أساسي وركيزة مهمة للمرحلة المقبلة. ومن هنا، فإن هذا المؤتمر يشكل بداية الطريق، وسيليه تواصل مكثف وجدي بين الدولة والقطاع الخاص على أكثر من مستوى لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في برنامج الإنفاق الاستثماري الذي سنطلقه قريبا، وأود الإشارة هنا أن الدور الذي نرتقبه للقطاع الخاص هو أساسي في نجاح البرنامج.

أي أنني أرى أن مشاركة القطاع الخاص بنفس أهمية مشاركة الدول في المؤتمر. فقد آن الأوان لأن يكون القطاع الخاص في شراكة مع القطاع العام. وأنا لدي إيمان بأن القطاع الخاص يدير الأعمال بشكل أفضل وقادر على القيام بهذه المشاريع الاستثمارية، إن كان في الكهرباء أو الطرقات أو المطارات أو غيرها من مشاريع البنى التحتية بشكل أفضل من الدولة. علينا كدولة أن نشجع القطاع الخاص على القيام بهذه الأعمال.

أيها الحفل الكريم، 

لا يخفى على أحد أن الوضع الاقتصادي في لبنان اليوم صعب، وبأننا نواجه تحديات كبيرة. فمعدلات النمو منخفضة ونسب البطالة تجاوزت الـ 30 في المئة، ومعدلات الفقر إلى ازدياد، وميزان المدفوعات يعاني عجزا، والدين العام إلى ارتفاع بوتيرة متسارعة وقد تخطى الـ80 مليار دولار، وعجز الخزينة وصل الى مستويات غير مستدامة. 

أضف إلى ذلك كله، أن الأزمة في سورية القت بثقلها على الاقتصاد الوطني وحركة الصادرات الوطنية وتدفق الاستثمارات الخارجية، إضافة إلى تداعيات موجة النزوح الكثيفة التي أثقلت البنية التحتية والخدمات العامة وعجز الخزينة والاقتصاد بشكل عام.

إن الأزمات والخضات المتلاحقة التي تعرض لها لبنان في السنوات الماضية، سواء الداخلية او الخارجية منها، استنزفت الاقتصاد الوطني واستنزفت مناعته وأضعفت مؤسسات الدولة. كما ان تنامي عجز الخزينة حد من قدرة الحكومة على اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تحفيز الاقتصاد ودعم القطاعات الإنتاجية.

 من هنا، كان لا بد من وضع برنامج استثماري ضخم وطموح يعيد اطلاق العجلة الاقتصادية ويعيد ثقة المستثمرين بلبنان. 

إن برنامج الإنفاق الاستثماري الذي وضعناه بالتعاون والتنسيق مع كافة الإدارات والوزارات المعنية، والذي تم التشاور حوله مع كافة الكتل النيابية، يفوق حجمه الـ16 مليار دولار، ويضم أكثر من 250 مشروع في قطاعات الكهرباء والنقل والمياه والري والصرف الصحي والنفايات الصلبة، إضافة إلى المناطق الصناعية ومشاريع النهوض الثقافي.

مشاريع تمتد على كافة المحافظات وتهدف إلى إرساء بنية تحتية وخدمات عامة تواكب العصر وتواكب متطلبات القطاع الخاص وتؤمن متطلبات العيش الكريم لكل مواطن لبناني.  

إن هذا البرنامج الذي يراعي مبدأ الإنماء المتوازن، هو استكمال لمشروع إعمار لبنان الذي أطلقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في بداية التسعينات والذي سمح بعودة لبنان للحياة بعد سنين الحرب والدمار. 

إننا اليوم نعيد إحياء مشروع رفيق الحريري، المشروع الوطني الذي حاول أعداء لبنان إيقافه باغتياله في 14 شباط 2005، ولكننا بإذن الله تعالى ودعم كل محب للبنان وبشكل خاص الدول العربية الشقيقة وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، حافظنا على الأمانة وسنكمل الحلم من حيث توقف لبناء مستقبل أفضل لكل اللبنانيين. 

وكما تعلمون، نحن نعمل جاهدين بالتنسيق مع أصدقاء لبنان في المجتمع الدولي على تنظيم مؤتمرات دعم لاستقرار لبنان. ومؤتمر "سيدر" الذي تستضيفه فرنسا في 6 نيسان المقبل هو حجر الأساس لسياسة إعمارية طموحة تتمثل بتنفيذ برنامج الإنفاق الاستثماري على السنوات العشر القادمة.

وأبعد من مساعدة لبنان على تنفيذ البرنامج الاستثماري، فإن مؤتمر باريس يهدف إلى دعم الاستقرار الاقتصادي في لبنان ووضع الأسس المتينة التي ستسمح لنا في السنوات القادمة بالنهوض باقتصادنا الوطني وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وإيجاد فرص عمل مستدامة لشبابنا وشاباتنا. 

من هنا، فإن نجاح مؤتمر "سيدر" يرتكز بشكل أساسي على نية جدية لدى المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان لدعم الاستقرار الاقتصادي فيه، كما أنه يرتكز على إرادة حقيقية لدى جميع الفرقاء السياسيين للمضي بعملية التصحيح المالي وتنفيذ الإصلاحات القطاعية والهيكلية التي من شأنها تفعيل نشاط القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وخلق معدلات نمو وفرص عمل مستدامة. 

إن مؤتمر "سيدر" يشكل فرص مهمة لكل اللبنانيين لنسج عقد للاستقرار والنمو وفرص العمل بين لبنان والمجتمع الدولي. وأنا على ثقة أن هذا العقد هو لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين. 

ختاما، أودّ التأكيد مجددا على الدور الأساسي للقطاع الخاص في المرحلة المقبلة. وإذا نظرنا إلى وضعنا قبل عام ونصف، وما تمكنا من تحقيقه اليوم بهذا التوافق السياسي الذي حصلنا عليه بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، نجد أن هذا التوافق هو الأساس. أعلم أن التحديات كبيرة والعجز كبير وأعلم أن هناك خلافات سياسية بيننا في مكان ما، ولكن هذا التوافق السياسي مكننا من إنجاز موازنة العام 2017 وقانون انتخاب كنا نحاول طوال ثماني سنوات أن نعمل عليه، وقانون النفط والغاز وإنجاز العديد من المشاريع الأخرى التي كانت متوقفة في مجلس النواب.

من هنا، علينا اليوم أن نستغل هذا التوافق السياسي، إن كان الآن قبل التوجه إلى مؤتمر باريس أو حتى بعد إنجاز الانتخابات النيابية. فالانتخابات ستفرز مجلسا نيابيا جديدا، وستكون أساسا، بعد إنجاز مؤتمر باريس، لاستكمال الخطة. وأيا كان من سيأتـي في المستقبل، فإن هناك خطة واضحة في الإصلاح والإنماء والاستقرار والأمن وكل ما يهم المواطن اللبناني. لذلك أنا متفائل جدا رغم أن التحديات كبيرة. قد يتساءل البعض عن الطموح الذي يمتلكه اللبنانيون. هذا ليس طموح سعد الحريري، ولكني أرى أن كل لبناني لديه طموح بقدر ما لدى سعد الحريري وأكبر بكثير، وأعلم أن القطاع الخاص قادر على تحقيق هذا الطموح لأنكم أنتم من تقومون بالبلد منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

من هنا، فإن مؤتمر "سيدر" والمشاريع التي سترونها خلاله ستكون مربحة إن شاء الله، وهذا ما يهم القطاع الخاص. وخلافا لما يعتقده بعض السياسيين بأن القطاع الخاص يجب أن لا يربح، وإنما هم فقط، نحن مع أن يكون لدى القطاع الخاص الوسيلة للعمل في البلد، ولذلك وافق مجلس النواب على قانون الشراكة، وأنا لدي أمل كبير جدا بأن يكون القطاع الخاص السباق في مؤتمر باريس.

ومن هنا أدعو الجميع لاعتبار أن هذا المشروع هو لأولادنا وأحفادنا وهو لا يمكن أن يكون أكثر شفافية. والاختلاف بينه وبين باريس 1و2 و3 واضح اليوم أمامكم، فصحيح أن هناك 250 مشروعا نعرضها للاستثمار من قبل القطاع الخاص أو القطاع العام، ولكن وضوح هذا المشروع أننا وضعنا الإصلاحات أيضا كأساس لترجمة هذه المشاريع، وبذلك نربط الأموال التي ستتدفق إلى لبنان بهذه الإصلاحات. أنا مع أن يجري لبنان هذه الإصلاحات لتشجيع القطاع الخاص وتكون لدينا إصلاحات تمكّن الدولة من إيقاف الهدر والفساد وتعطي المواطن اللبناني ما يستحقه من خدمات في البنى التحتية. فالكل يعلم أنه من دون بنى تحتية لا يمكن للبلد أن يقوم، ولذلك التركيز هو على البنى التحتية التي ستخلق فرص عمل للبنانيين، وبدلا من أن يكون 30% من اللبنانيين ليست لديهم فرص عمل، فإن هؤلاء الشباب سيبقون في لبنان ويعملون، وهذا هو هدفنا.

 

 

جميع الحقوق محفوظة ©      ملاحظة قانونية  |   إتصل بنا  |  خريطة الموقع
تم انجاز هذا الموقع بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية